باريس: كشفت مصادر صحفية عن توجه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لإصدار قانون حول النقاب تجمع عليه الكتل السياسية الممثلة في الجمعية الوطنية أولاً، وتأجيل إصدار البرلمان لقانون حول النقاب إلى ما بعد انتخابات المناطق المقررة في الشهر المقبل ثانيا، خصوصا أن أكثرية الفرنسيين نظرت بعين الريبة إلى نقاش آخر اختلط مع النقاش حول النقاب والإسلام في فرنسا، ألا وهو النقاش حول الهوية الوطنية، وما رافقه من مواقف صدرت عن بعض الشخصيات اليمينية في الحكومة، وفي حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، اليمين الحاكم اقحمت المهاجرين من أصول مسلمة فيه. وبدت النقاشات وكأنها موجهة ضد المسلمين من جهة، ولاستمالة ناخبي اليمين المتطرف من جهة ثانية.

والنتيجة كانت واحدة، وهي أن أكثر من %63 من الفرنسيين رأوا في النقاش الذي أطلقته الحكومة حول الهوية الوطنية مناورة انتخابية غير مجدية وضارة.
وبحسب صحيفة القبس الكويتية كان رئيس الكتلة البرلمانية للحزب اليميني جان فرانسوا كوبيه أعلن، قبل نهاية العام الماضي، وقبل انتهاء لجنة التحقيق البرلمانية من إعداد تقريرها، أنه سيتقدم إلى الجمعية الوطنية بمشروع قرار يمنع ارتداء النقاب ليس فقط في الدوائر الحكومية والعامة، وإنما أيضاً في الأماكن العامة، غداة صدور توصيات لجنة التحقيق البرلمانية. إلا أن رئيس الجمهورية تمكن من إقناعه بتأجيل ذلك إلى ما بعد انتخابات مارس؛ لحرصه على تجنب إحداث مواجهة مع نواب حزبه.

وإذا كان جان فرانسوا كوبيه قد تقدم بمشروع قانون إلى الجمعية الوطنية لمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة، فإن لجنة التحقيق البرلمانية تعتبر وبعد ستة أشهر من التحقيقات واللقاءات وبعد صدور تقريرها أن النقاشات في البلاد ستبدأ فعليا في على قاعدة وخلفية التقرير الذي أعدته. ويشير التقرير إلى أن أغلبية أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية تؤيد منع الحجاب كليا في فرنسا، كما جاء في مشروع قانون رئيس الكتلة اليمينية، ولكن هناك مجموعة من أعضاء اللجنة التي يرأسها النائب الشيوعي اندريه جيران، لا توافق على ذلك، ويشير التقرير إلى أن ارتداء النقاب يتناقض مع قيم الجمهورية وخاصة مبدأ العلمانية.

وجاءت توصيات التقرير تحت ثلاثة عناوين رئيسية:

العنوان الأول: الإقناع
ــــ وينص على التأكيد العلني والصارم عبر قانون يدين ارتداء النقاب كنقيض لقيم الجمهورية، وينص على رفض التمييز والعنف اللذين تخضع لهما المرأة.
ــــ اللجوء الى التوعية حول العلمانية وقيم الجمهورية، وإجراء الوساطة مع النساء اللاتي يرتدين النقاب، ومع أقاربهن.
ــــ التركيز على أهمية العلمانية في المدرسة الابتدائية.
ــــ إنشاء المعهد الوطني للدراسات حول الإسلام؛ لإبعاد الشعور لدى المسلمين في فرنسا بأنهم مستهدفون.
ــــ بدأ البرلمان العمل حول العداء للإسلام والتمييز بحق المسلمين.

العنوان الثاني: الحماية
حماية المرأة مما وصفوه بالضغوط التي تتعرض لها يشكل جزءا من واجب الجمهورية تجاه النساء، وهذا يتطلب تعبئة وتعزيز الآليات القضائية؛ لمكافحة العنف والضغوط التي تتعرض لها المرأة في بيتها، خاصة مكافحة ما اعتبروه إجبار القاصرات على ارتداء النقاب!
- إعطاء التعليمات لموظفي القطاع العام بضرورة إبلاغ رؤساء المناطق عن أوضاع القاصرات المرتديات للنقاب، في إطار حماية القصر من المخاطر.
- العمل على إحداث تشريع قانوني ينص على جنحة العنف النفسي الممارس داخل الأسرة. (بحسب وصفهم).
- الأخذ بالاعتبار لدى طلب اللجوء إلى فرنسا، إجبار السيدات على ارتداء النقاب كمؤشر عام لتعرضهن للاضطهاد.
- تبني التدابير اللازمة لتمكين الموظفين في الدوائر الحكومية من منع إخفاء الوجه في هذه الدوائر.

العنوان الثالث: المنع
- الحصول على رأي مجلس الدولة قبل مناقشة البرلمان لمشروع قانون يمنع إخفاء الوجه في الدوائر الحكومية والعامة.
- إدخال مواد إضافية إلى القانون المدني الفرنسي المتعلقة بالحصول على الجنسية الفرنسية تشير أو تتضمن أن الإعراب عن مشاعر الراديكالية للانتماء الديني تتعارض مع قيم الفرنسيين، خاصة مبدأ المساواة بين المرأة والرجل.
- تعديل القوانين المتعلقة بالدخول الى الأراضي الفرنسية والإقامة في البلاد.
وإذا كان من المؤكد أن الحكومة الفرنسية ستعد مشروع قرار حول منع ارتداء النقاب في البلاد فإن السؤال: هل ارتداء النقاب عن رغبة واختيار هو من العنف النفسي ضد المرأة؟ التي لم يتركوا لها شيئا بدءا من حريتها في ارتداء ما تريد وانتهاء بفرض أفكار محدد عليها، وإلا صارت معنفة مضطهدة فاقدة الأهلية؟