بعدما تناولنا برب الوالدين في القرآن الكريم في صور متعددة نبحث الآن عن بر الوالدين في السنة الشريفة.

السنة مصدر التشريع الثاني:
الكل يعلم ان السنة الشريفة هي المصدر الثاني للتشريع الاسلامي بعد القرآن الكريم، وهي المبينة والموضحة لما اجمل القرآن الكريم من احكامه وفرائضه، فبواسطة السنة الشريفة نتعرف على حدود هذه الاحكام والفرائض فنعرف مواصفات هذه الفريضة وشرائطها واجزائها، وتتميم للفائدة نضرب مثال على ذلك:
تناول القرآن الكريم فريضة الصلاة والتي هي عمود الدين والزكاة في الايد ((وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ...)) وفي آيات كثيرة من القرآن الكريم تناول فيها هذا التشريع ولكن لايوجد في القرآن الكريم اعداد الصلاة وحدود هذه الصلاة أي صلاة الصبح ركعتان، صلاة المغرب ثلاث ركعات، صلاة الظهر والعصر والعشاء كل واحدة منها اربع ركعات، ولا يوجد في القرآن الكريم المواد التي تجري فيها الزكاة والتي هي الانعام الثلاثة: الابل، والبقر، والغنم والنقدين الذهب والفضة والغلاة الاربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب ولا مقدار نصاب الزكاة فنلاحظ بواسطة السنة المطهرة بيّنت اعداد الصلاة وحدودها واركانها وشرائطها وعدد ركعات كل منها والمواد التي تكون فيها الزكاة ومقدار النصاب المحدد لكل منها.


فضل بر الوالدين
والان نريد ان نتعرف ماذا اعدت لنا السنة المطهرة في مجال بر الوالدين فعندما نسأل ماذا يريد القرآن من الاحسان للوالدين؟
للاجابة عن هذا السؤال ورد في السنة عن ابي ولاّد الحناط قال سألت ابا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل وبالوالدين احسانا ما هذا الاحسان؟ فقال: الاحسان ان تحسن صحبتهما وان لا تكلفهما ان يسألاك شيئاً مما يحتاجان اليه وان كانا مستغنيين اليس بقول الله عز وجل ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)).
وقد ورد في الروايات ان بر الوالدين من افضل الاعمال عن المقصور بن حازم عن ابي عبد الله (ع) قال: قلت أي الاعمال افضل؟ قال الصلاة لوقتها، وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله عزوجل.
ومن عظم صور بر الوالدين عند الله عز وجل يسقط الله عز وجل الجهاد عن المجاهد ليؤدي حق الوالدين كما ورد في الرواية عن ابي عبد الله عليه السلام اتى رجل رسول الله (ص) فقال يا رسول الله اني راغب في الجهاد نشيطاً قال: فقال له النبي 5 فجاهد في سبيل الله فانك ان تقتل تكن حيا عند الله ترزق وان تمت فقد وقع اجرك على الله وان رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت)) قال يارسول الله ان لي والدين كبيرين يزعمان انهما يأسان بي ويكرهان خروجي فقال رسول الله (ص) ((فقر مع والديك فوالذي نفسي بيده لانسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة)).
اقول: أي حق عظيم هذا الذي يقسم النبي 5 من اجله ويشدد في القسم ليبين ان الذي يؤديه الولد البار لوالديه ليلة واحدة خير من جهاد سنة مع ما في الجهاد من المشقة وتعريض النفس للموت والسهر والتعب فأي ثواب يفوق ثواب بر الوالدين واي ترغيب أعظم من هذا الترغيب.
وقد بينت الشريعة المقدسة على الولد بر الوالدين وان كانا مخالفين وانه من الحقوق التي لم يجعل الله عز وجل فيها رخصة كما ورد ذلك في الروايتين عن جابر قالسمعت رجلاً يقول لابي عبد الله (ع): ان لي ابوين مخالفين؟ فقال برهما كما تبر المسلمين فيمن يتولانا.
وعن ابي جعفر عليه السلام قال ثلاث لم يجعل الله عز وجل منها رخصة: اداء الامانة الى البر وللفاجر والوفاء بالعهد للبر والفاجر وبر الوالدين برين كانا او فاجرين.
ومن نتائج بر الوالدين ان يكون جزاءه في الحياة الاخرة الجنة عن ابراهيم بن شعيب قال قلت لابي عبد الله (ع) ان ابي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله اذا اراد الحاجة فقال ان استطعت ان تلي ذلك منه فافعل ولقمه بيدك فانه جنة لك غدا.


اثار عقوق الوالدين
اما نتائج عقوق الوالدين تكون وخيمة على العاق ويندم غداً يوم القيامة على ما فرط في حق الوالدين وقد يرى آثار العقوق في الدنيا قبل الاخرة من سلب التوفيق والسقوط في التهلكة كما ان ابي عبد الله (ع): ان رسول الله (ص)حضر شابا عند وفاته فقال له: فل لااله الا الله قال: فاعتقل لسانه مرارا فقال لا مراه عند راسه هل لهذا ام؟ قالت نعم انا امخه، قال أفساخطة انت عليه؟ قالت نعم ماكلمته منذ ست حجج، قال لها: ارضي عنه قالت: رضي الله عنه برضال يا رسول الله (ص) فقال رسول الله: قل لا اله الا الله قال فقالها فقال النبي (ص) ماترى فقال ارى رجلا اسود اسود قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة واخذ بكظمي فقال له النبي (ص): قل يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير انك انت الغفور الرحيم فقالها الشاب فقال له النبي (ص) انظر ما ترى؟ فقال ارى رجلا ابيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني وارى الاسود قد تولى عني قال اعد فاعاد، قال ماترى قال لست ارى الاسود وارى الابيض قد وليني ثم طغى على تلك الحال.
اقول هذه نتيجة عقوق الوالدين فهذا الشاب لم يوفق ولم يكن قادرا على نطق الشهادتين عند الموت لانه قد عق والدته ولم يؤدي حقها ولم يستطع ان ينطق الشهادتين حتى رضيت عنه والدته.
اعاذنا الله واياكم من عقوق الوالدين ووفقنا جميعا لبر الوالدين واداء حقوقهم انه سميع الدعاء قريب مجيب وصلى الله على محمد واله الطاهرين.