تابعونا على Facebook
تابعونا على youtube
تابعونا على  Twitter
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

أهلا وسهلا بك إلى منتديات اسلام فيب.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.



 
آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
تبادل أعلاني http://dmo3-oman.com
[حصري]أشنشودة حياتي كلها لله للمنشد السوري يحيى حوى
[حصري] أنشودة لبيك رسول الله ..روووووووووعة
[حصري] انسودة فتنتة روحي يا شهيد
يا ادم حافظ على مظهرك الخارجي ..
شرح التعامل مع المرأة, طريقة التعامل مع المرأة, كيف أتعامل مع المرأة, كيفية اسعاد المرأة
[مهم] مدر المنتدى انت لساتك على وعدك
ازياء شبابيه 2011
الوصايا العشره للرجال
كيف عليك ان تتصرف اذا بكت شريكة حياتك وحبك ؟
الثلاثاء أغسطس 13 2013, 04:05
الجمعة ديسمبر 21 2012, 13:26
الأحد يوليو 29 2012, 03:17
الأحد يوليو 29 2012, 03:15
الأحد يوليو 29 2012, 03:07
الأحد يوليو 29 2012, 03:03
الأحد يوليو 29 2012, 03:01
الأربعاء يونيو 27 2012, 12:24
الأربعاء يونيو 27 2012, 12:23
الأربعاء يونيو 27 2012, 12:21











شاطر|

صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
معلومات العضو
عضو Vip

medohamo15
medohamo15

عضو Vip
معلومات اضافية
الجنس : ذكر
المشاركات المشاركات : 1201
النقاط النقاط : 12441
السمعة السمعة : 0
معلومات الاتصال

صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس Empty
مُساهمةموضوع: صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس Emptyالسبت يونيو 02 2012, 18:20

صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس

بقلم / أ.د. جمال عبد الهادي

حينما بُعِث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عام13 قبل الهجرة / 611م، كانت الشام كلها وبيت المقدس في القلب منها، والأطراف الشمالية الغربية للجزيرة العربية، ومصر، والشمال الأفريقي، وشبه جزيرة الأناضول، في قبضة الاحتلال الأوروبي، الرومي البيزنطي العسكري، الذي كان يدين بالنصرانية الأرثوذكسية، يعاونه العرب الغساسنة الذين تَنَصَّر قطاع منهم، ولم يكن للعرب كيانًا سياسيًا، ولم يكن لهم قيمة في المجتمع الدولي، فهم إما عمال من قبل الروم البيزنطيين، أو عمال من قبل الفرس، يقاتل بعضهم بعضًا، لحساب أي من القوتين الكبريين، الروم أو الفرس، وإن لم يكن فقد كانوا كما قال الشاعر، وكما هو واقعهم اليوم:

وأحيانًا على بكرٍ أخينا ** إن لم نجد إلا أخانا

والسبب في الضعف الذي أصاب الأمة هو الخلل الذي تسلل إلى عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر في القلوب، واتخاذ الأنداد من دون الله، والاعتزاز بشعارات الجاهلية، وفساد السلوكيات والأخلاق والمعاملات، وشيوع الظلم، وتسلط الأقوياء على الضعفاء، وأيضًا الجهل، فالعرب كانوا أمة أمية.

ولما أراد الله بالبشرية خيرًا، والأمة العربية في القلب منها، أذن الله في بعثه النبي الأمي خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم المعلِّم الذي صُنِع وتربى على عين الله عز وجل ، وكان الدرس الأول الذي تلقاه عن الوحي قول الله تعالى: )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى((1) هذه الآيات حددت سبب شقاء البشرية، وتسلط الظَلَمة على بني الإنسان: طغيان الإنسان قد تجاوز الحدّ، طغيان مشركو العرب، طغيان الروم، طغيان الفرس، طغيان اليهود قد تجاوز الحد.

وأنه لا سبيل لإنهاء طغيان الإنسان وتحرير المقدسات وتحرير الإنسان إلا بإقامة الإسلام نظامًا حياتيًا شاملاً، )شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ((2)، ونصرة محمد ودين محمد صلى الله عليه وسلم )وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ((3) وتربية الإنسان الصالح الذي يجاهد نفسه، وشياطين الإنس والجن، لتحرير المقدسات والأوطان والثروات، حتى يأمن الإنسان كل الإنسان، على وطنه ودينه وعرضه وعقله وماله ونفسه.

وانطلق الرسول المُعَلِم صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله: "أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تُفلِحوا، والله لَتَموتنَّ كما تنامون، ولتُبعثنَّ كما تستيقظون، ولتُحاسبنَّ بما تعملون، وإنها لجنةٌ أبدًا أو لنارٌ أبدًا".

· واقترنت الدعوة بالانتقاء، والتربية والتكوين، والتربية تقترن بالتعلّم وتبديد ظلمات الجهالة في النفس الإنسانية: تربية إيمانية، وتربية عقلية، وتربية بدنية، وتربية نفسية وسلوكية، وتربية تهتم بغريزة الجنس في الإنسان، والتربية والتعليم تقترن بجهاد النفس، وهو أربعة مراتب:

· أن يجاهد الإنسان نفسه على معرفة ربه ونبيه ودينه، والتحديات التي تواجهه وتواجه أمته.

· أن يجاهد الإنسان نفسه على العمل بما علم.

· أن يجاهد نفسه على تعليم غيره

· أن يُعَوِدَ نفسه على الصبر على أداء هذه المهمة ،

وكان التعليم والتربية يتم من خلال الأسرة، في دار الأرقم بن أبى الأرقم، وسعيد بن زيد زوج فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنه .

وواصل الرسول المُعَلم صلى الله عليه وسلم حمل أمانة الدعوى إلى الله عز وجل ثلاث سنوات، دعوة فردية خاصة، وبعدها انتقل إلى مرحلة الدعوى العامة، ومع بداية مرحة الدعوة العامة تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإخوانه لابتلاءات شديدة، تثير الشبهات حول الإسلام ورسول الإسلام والمؤمنين به، وتعذبهم وتطاردهم في أرزاقهم، بل وتسعى إلى تصفيتهم جسديًا، كما هو واقع البشرية التائهة اليوم ، يقول الله تعالى: )وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ((4).

ومع الابتلاءات كان الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم يذكر الناس بقول الله تعالى: )أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ((5)، ويتنزل الوحي من السماء يذكرهم بتاريخ الأنبياء والرسل ومعاناتهم وهم يدعون إلى الإسلام )وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ((6).

فكان الصبر والثبات والدعاء والاستمرار، في حمل أمانة الدعوة إلى الله، والتوكل على الله، والثقة في نصرة الله عز وجل لدينه وحملته، يقول الله عز وجل : )إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ((7).

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا" (جزء من حديث- رواه الترمذي).

لقد كانت الابتلاءات التي يتعرض لها الصف المسلم بقيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم شديدة ومتنوعة، حتى اضطر البعض إلى الهجرة إلى الحبشة بحثًا عن مكان آمن يعبدون فيه ربهم ، ويقيمون شعائر الإسلام في حياتهم، ولكن هذه الابتلاءات لم تصرفهم عن مهمتهم.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المُعَلِّم يطوف بالقبائل داعيًا: من يحميني حتى أُبَلغ دعوة ربى، من ينصرني حتى أُبلغ دعوة ربى وله الجنة؟" فلا يجد أحدًا، بل إنه اضطر للذهاب إلى الطائف، لإبلاغ دعوة الله، وطلب النصرة لدعوة الإسلام، فأساءوا استقباله وآذوه، فصبر واحتسب، ورفع يديه إلى السماء يدعو ربه عز وجل: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدوِ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علىَّ فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبَك، أو يحل علىَّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك" .

وفى العام العاشر من البعثة، عام الحزن، الذي فقد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها، التي كانت تواسيه بنفسها ومالها، وعمّه أبا طالب الذي كان يُنافح عنه وينصره، واشتد البلاء بالصف المسلم، وقعت حادثة على جانب كبير من الأهمية، في حياة خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، هي رحلة الإسراء إلى بيت المقدس المسجد الأقصى، والعروج إلى السموات العلى بصحبة جبريل عليه السلام .

لقد دون الله رب العالمين هذه الحادثة في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، وسجلتها كتب التفسير، وكتب السنة وشروحها، والمصادر والمراجع التاريخية الإسلامية ، لم يكن رسول الله الأمي يعرف شيئًا عن بيت المقدس، أو أرض الشام وأهميتها، إلا أن العرب يرتادونها للتجارة، كما كانوا يرتادون أرض اليمن للغرض نفسه، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل هذه الرحلة يأبه للاحتلال الرومي البيزنطي، أو الفارسي، وكذلك قومه الذين قبلوا بأن يكونوا عمالاً لهم ... لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف أن الاحتلال الرومي لأرض العالم العربي والقدس في القلب منها، قد مضى عليه أكثر من ستمائة سنة، يستعبد الأمة ويسلب ثرواتها وخيراتها، ولم يكن يعرف أن القدس من مقدسات الأمة، والواجب تحريرها ممن غلب عليها.

لقد أمر الله سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام أن يصحب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في رحلته من مكة المكرمة بجزيرة العرب إلى بيت المقدس بأرض الشام، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، من حرم الله الآمن إلى الأرض المقدسة، التي بارك الله فيها للعالمين.

لما وصل الركب الكريم إلى مسجد بيت المقدس ربط رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دابته "البراق" بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخل فصلى في قبلته تحية المسجد ركعتين، ثم أُتى بالمعراج، فصعد فيه إلى السماء الدنيا، ثم إلى بقية السموات السبع، فتلقاه من كل سماء مقربوها، وسلم على الأنبياء الذين في السموات، بحسب منازلهم ودرجاتهم، حيث مرّ بأبيه آدم عليه السلام في الأولى، وبيحيى وعيسى عليهما السلام في الثانية، وبيوسف عليه السلام في الثالثة، وبموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة.

ثم جاوز منزلتهم صلى الله عليه وسلم ، حتى انتهى إلى مستوى يسمع فيه صريف أقلام القدر، بما هو كائن، ورأى سدرة المنتهى، من أمر الله تعالى، عظمة عظيمة من فراش من ذهب، وألوان متعددة، وغشيها الملائكة، ورأى هناك جبريل عليه السلام على صورته وله ستمائة جناح، ورأى البيت المعمور، وإبراهيم عليه السلام الذي أقام القواعد من البيت العتيق بمكة المكرمة، مسندًا ظهره إليه، لأنه الكعبة السماوية، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه، ثم لا يعودون إلى يوم القيامة، ورأى الجنة والنار، وفرض الله على أمة الإسلام هنالك الصلوات الخمس، وفى هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها، ثم هبط إلى بيت المقدس، ثم هبط محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ومعه الأنبياء، فصلى بهم لمّا حانت الصلاة ، رحلة عظيمة بددت ظلمات الجهالة عن أهمية بيت المقدس التاريخية والشرعية في نفس الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

أي أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم "جُمِع له كل الأنبياء، فأمَّهم في مَحِلَّتِهم ودارهم، فدل على أنه صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين".

ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق، وعاد إلى مكة بغلس.

وقد سجل الله عز وجل هذه الحادثة الضخمة في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، في سورتي الإسراء والنجم، وحّوَّلَهَا رسول الله إلى دروس ومقررات دراسية يتناقلها الخلف عن السلف، والهدف ليُرِىَ الله عز وجل رسوله وأمته من آياته العظام، يقول الله تعالى: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ((Cool.

ويقول عز وجل: )وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى((9).

إن الأخبار التي رواها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رحلة الإسراء إلى بيت المقدس، المعراج، وما وقع له فيها، والمدونة في كتب التفسير وكتب السنة وشروحها، هي الحق بشهادة الله سبحانه وتعالى وشهادة رسوله صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه وتعالى : )وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا((10). ويقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : "ما أخبرتكم به أنه من عند الله، فهو الذي لا شك فيه " (أخرجه الحافظ البزار). وقوله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منى إلا الحق".

وحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون، )يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ((11).

وحادثة الإسراء والمعراج لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ترسي معالم بارزة في حياة الأمة المسلمة وهى على مشارف خلافة على منهج النبوة.: تكون النبُوَّة فيكم، ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضّأً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. (رواه أحمد وأبو داود)

· درس عملي مقترن برحلة في ملكوت السموات والأرض، بصحبة جبريل عليه السلام ، تُطَمْئِن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأُمَّتَه، يُعرج به من دون الخلائق، بإذن رب العالمين، ويُكرِّمه رَبُه على صبره وجهاده ويلتقي به مباشرة دون واسطة ولا حجاب، ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة، ويجمعه مع إخوانه من الرسل صلى الله عليه وسلم ، فيكون محمد صلى الله عليه وسلم الإمام والقدوة في صعيد واحد، فيكون صلى الله عليه وسلم الإمام والقدوة لهم، وهو خاتمهم وآخرهم.

· إن تاريخ بيت المقدس المسجد الأقصى من ملحقات العقائد الإسلامية، تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة العربية والإنسانية عن الوحي عن الله سبحانه وتعالى، والدليل: )قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى* قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى((12).

· إن بيت المقدس المسجد الأقصى كان قائمًا، ومعلمًا من معالم الإسلام على امتداد الزمن وحتى ميلاد وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، يتردد عليه العبّاد والزوّار، ولم يكن هناك شيء اسمه هيكل، ولم يجرؤ الروم المحتلون طيلة فترة احتلالهم لأرض الشام أن تمتد أيديهم لتخريبه، أو منع الناس من شد الرِحال إليه.

ولم يكن لليهود أي كيان سياسي طيلة هذه الفترة على أرض الشام، ولم يكن هناك شيءٌ اسمه هيكل لإله اليهود، فأين هي إذن الحقوق التاريخية والشرعية المدَّعاة للكيان اليهودي؟

· إن صلاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والمرسلين إمامًا بالمسجد الأقصى، ومنهم الأنبياء والمرسلين الذين كانت لهم الإمامة على أرض بيت المقدس، دليلاً على أنهم جميعًا مسلمون، وحملوا رسالة الإسلام إلى أممهم وشعوبهم قبل أن يولد اليهود بزمن طويل، ولم يكن من رسل الله أحدٌ يهوديًا ولا نصرانيًا، وذلك دليل أيضًا على أن بيت المقدس وما حولها وقف إسلامي وهى ميراث الأمة المسلمة، وكانت رحلة الإسراء والمعراج وإمامة محمد صلى الله عليه وسلم للأنبياء والمرسلين، وتخليدها في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة، كان ذلك بمثابة وثيقة عهد، من الله رب العالمين، لرسول الإسلام وأمة الإسلام..

إن الإمامة على أرض الله كلها وبيت المقدس في القلب منها للأمة المسلمة، وأن بيت المقدس وأرض الله أمانة في رقاب المسلمين، وتحريرها من الروم البيزنطيين وكل من يغلب عليها فريضة ؛ لقول الله تعالى: ] يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ [(13).

إن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يلتقي بآدم عليه السلام الذي وضع أساس المسجد الأقصى بعد بناء المسجد الحرام، ويلتقي أيضاً بإبراهيم عليه السلام الذي كانت له الإمامة في بيت المقدس المسجد الأقصى وفى حرم الله الآمن بمكة، ويلتقي بأنبياء بني إسرائيل المسلمين، يوسف، ويحيى، وعيسى عليهم السلام الذين ولدوا ودرجوا وتربوا على أرض بيت المقدس، ويؤمهم وجميع الأنبياء المرسلين، دليل على أن الإمامة على الأرض المقدسة صارت إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن مسجدها الأقصى الذي بارك الله حوله وقف إسلامي لا يجوز التنازل عن حبة رمل واحدة منه لأنه بيت الله ، والله يقول : )وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا((14) وليس لليهود حق فيها ، بل ولا يجوز لهم أن يقوموا بصلوات عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى الذي سموه حائط المبكى، لأنه وقفٌ إسلامي ، هو وحي المغاربة الذي دمَّرَه اليهود، ولا يجوز لأحد أن يسمح لهم بتدنيس حرمته.
والمسجد الأقصى هو مسجد منذ أنشأه آدم عليه السلام ، وظل وسيظل كذلك عبر تاريخه كله.
فأين كان اليهود في ذلك الزمان؟ لم يكونوا قد ولدوا بعد.

ويجب أن يتوقف اليهود عن التزام حائط البراق والحفر تحت المسجد الأقصى، مما يعرض المسجد الأقصى لخطر الانهيار، وهذه مسئولية الأمة المسلمة والمجتمع الدولي ..
وفى ضوء هذا البيان الرباني لا يجوز للمسلمين الصلح مع الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين . والمسجد الأقصى في القلب منها، والتسليم له بأنه صاحب فلسطين ؛ وبالتالي فإن صلح كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة والتطبيع مع الكيان الصهيوني الذي اغتصب الأرض وسبى النساء، وقتل الأطفال، وشرَّد وأباد غالب الشعب الفلسطيني، حرام شرعاً كما أفتى بذلك علماء الأزهر في فتواهم بتاريخ 1 يناير 1956/ جمادى الآخرة / 18 جمادى الأولى 1375هـ .

* الارتباط الوثيق بين المسجد الحرام (مكة المكرمة)، والمسجد الأقصى البيت المقدس، والذي بناهما هو آدم عليه السلام ، لحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم : في صحيح مسلم، "عن أبى ذرٍ رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وُضِع على الأرض قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون عاماً"..

وأعاد بناءه وتوسعته إبراهيم وسليمان عليهما السلام، لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي بإسنادِ صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سليمان بن داود عليهما السلام، لما بنى بيت المقدس، سأل الله خلالاً ثلاثة: حُكْماً يصادف حِكْمَةً فأوتيه، وسأل الله عز وجل، مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدى، فأوتيه، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحدٌ لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يُخرجهم من خطيئته كيوم ولدته أُمُه، فأوتيه".

وإلى المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم يُشد الرحال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تُشدُ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومسجد الأقصى " (البخاري)

هل أدركنا أن سليمان عليه السلام كان نبياً مسلماً وأعاد بناء بيت المقدس والمسجد الأقصى، ولم يبن هيكلاً لإله اليهود؟ أين الحقوق الشرعية والتاريخية لبني يهود؟

* وفى رحلة الإسراء والمعراج إشارة إلى الارتباط الوثيق بين أرجاء الوطن الإسلامي، فعلى أرض الهند نزل آدم عليه السلام ، وعلى أرض الرافدين ولد إبراهيم عليه السلام ، وكانت له رسالة، وإلى أرض الشام هاجر إبراهيم حيث كان له الإمامة، ومهبط الوحي برسالة الإسلام على لوط وداود وسليمان عليهما السلام ، وعلى أرض الجزيرة العربية، مكة المكرمة، استودع إبراهيم الله عز وجل زوجه وطفله الرضيع إسماعيل عليه السلام ، وعلى هذه الأرض المباركة رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت العتيق وهم يدعوان الله عز وجل )وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ((15)

هذه المقدسات وأوطانها هي كالجسد الواحد، إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى، كما أنَّها كلّ لا يتجزأ، وعليها تعيش الأمة الواحدة، لقول الله تعالى: )إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ((16) وأمن العالم العربي والإسلامي من أمن هذه المقدسات.

وحين أهدر المجرمون حُرمة البيت المقدس وحرمة أهله في عالمنا المعاصر، أُهْدرت حُرمات الوطن الإسلامي كله.

إن الربط بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام وراءه حِكَم، ودِلالات، وفوائد منها:

أهمية المسجد الأقصى، الذي أصبح مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السموات العلا، وكان قبلتهم طيلة ستة عشرة شهراً بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
الربط بين هذه المقدسات يُشعر المسلمين جميعاً بمسئوليتهم نحو تحرير المسجد الأقصى وحماية المسجد الحرام، وتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم.
الربط بين هذه المقدسات يُشعرنا بأن تهديد المسجد الأقصى هو تهديد للمسجد الحرام وأهله، وأن النيل من المسجد الأقصى هو توطئةً للنيل من المسجد الحرام، والمسجد الأقصى بوابة الطريق إلى المسجد الحرام، وخروج المسجد الأقصى من أيدي المسلمين ووقوعه في أيدي اليهود المغتصبين لأرض فلسطين يعني أن المسجد الحرام والحجاز قد أصبحا في خطر، فأنظار الأعداء تتجه إليها، والتاريخ قديماً وحديثاً يؤكد هذه الحقيقة:

أولاً: أثناء الحروب الصليبية والعدوان الأوروبي الذي احتل بيت المقدس في 7 شعبان 492هـ/1098م وقتل سبعين ألف مسلم، ومثَّل بهم، ورفع شعارات النصرانية على أسوار بيت المقدس، وأسس أربع قواعد عسكرية نصرانية في الرُّها ، وأنطاكيا، وطرابلس، وبيت المقدس، كما أسس قاعدةً أخرى في المنطقة ما بين مصر والشام، وكان بها حصن اسمه حصن الكرك يقوم على أمره أمير أوروبي نصراني وهو أرناط، الذي أنزل مراكب في بحر القُلْزُم (الأحمر) ليقطع الطريق على الحجاج والتجار المسلمين، فوصلت أذيته إلى ميناء عيذاب على البحر الأحمر، وخاف أهل المدينة المنورة من شره.

ولما وصل الخبر إلى السلطان الناصر "صلاح الدين يوسف بن أيوب"، أمر الأمير حسام الدين لؤلؤ صاحب الأسطول أن يعمل مراكبه في بحر القُلْزُم، ليؤدب أمير الكرك "أرناط"، ففعل ذلك وظفر بجنده، وأمن البر والبحر بإذن الله، وإن كان قد هرب "أرناط" إلى حصنه، ولم يكُف عن مهاجمة قوافل المسلمين، تُجاراً وحُجاجاً، يأخذ أموالهم، ويضرب رقابهم، ويسبي نساءهم، وهو يقول لهم: "أين محمدكم؟ دعوه ينصركم."

ولما مرض الملك الناصر "صلاح الدين يوسف بن أيوب" سنة 580هـ/1184م، نذر لئن شفاه الله من مرضه هذا ليصرفن همته كلها إلى قتال الفرنج الصليبيين، وليجعل همّه تحرير بيت المقدس من الصليبيين، وليقتُلن البرنس الأوروبي صاحب الكرك بيده، لأنه تنَّقص رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأخذ قافلة ذاهبة من مصر إلى بلاد الشام.

وشفا الله الملك الناصر "صلاح الدين" الذي برَّ بقسمه، وانتصر في حطين، ووقع في يده الأمير النصراني المحتل "أرناط" فعرض عليه الإسلام فامتنع، فأنَّبه "صلاح الدين" على سوء فعله مع قافلة المسلمين التجارية غير المحاربة، وتطاوله على مقام النبوة، وقال له "صلاح الدين": "نعم، أنا أنوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار لأمته ثم قتله.

ثانياً: ورد في يوميات "البوكرك" أحد قادة العدوان البرتغالي المسلح على بلاد المسلمين: "كان هدفنا الوصول إلى الأماكن المقدسة للمسلمين، واقتحام المسجد النبوي، وأخذ رفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، رهينةً، لنساوم عليها العرب، من أجل احتلال القدس".

وذكر "ابن إياس في بدائع الزهور" أن زمن الشريف بركات أمير مكة، وكان معاصراً لحاكم مصر، قانصوه الغوري، والسلطان العثماني سليم الأول، (918-926/1512-1520)، تسلل ثلاثة أشخاص إلى مكة، وكانوا يحومون حول المسجد الحرام، وعليهم لباس عثماني، ويتحدثون بالعربية والتركية، فأمر بالقبض عليهم، وبالكشف على أجسامهم اتضح أنهم مسيحيون، لأنه كانوا بغير ختان، وبعد التحقيق معهم اتضح أنهم جواسيس، أُرسلوا للعمل كأدلاء للجيش البرتغالي الذي كان ينوي غزو مكة، ولكن الله سلَّم.

ثالثاً: إن الغزو الأسباني والبرتغالي الصليبي الذي تستَّر بشعارات الاكتشافات الجغرافية مع نهاية القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي، والذي كان يرفع شعار الصليب أو المدفع، كان يستهدف مكة والمدينة، والمسجد الأقصى، ولكن الله سلَّم، وتحرَّك على الفور السلطان "سليم الأول" العثماني إلى المنطقة العربية لتوحيد قوى المسلمين لمواجهة الغزو الأسباني البرتغالي الصليبي لبلاد المسلمين، وأنزل أسطولاً في البحر الأحمر، انطلاقاً من قاعدته في ميناء السويس، لتطارد المراكب البرتغالية الصليبية في البحر الأحمر، وتمنعها من الدخول إليها، على اعتبار أن البحر الأحمر بحر إسلامي وتطل عليه مقدسات المسلمين، ولا مكان فيه للمراكب البرتغالية الصليبية التي كرَّست جهدها لمهاجمة مراكب الحجاج المسلمين والتجار في المحيط الهندي، والتي هاجمت ميناء "كِلوا" شرق أفريقيا، وهدَّمت ثلاثمائة مسجد.

وبفضل الله عز وجل ثم بفضل السلطان سليم الأول ومن سبقه ومن جاء معه من آل عثمان حفظ الله المقدسات في مكة والمدينة والمسجد الأقصى طيلة العهد العثماني.

رابعاً: إن هذه المقدسات: المسجد الأقصى والمسجد الحرام ومسجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، بل والوطن الإسلامي، والعربي في القلب منه، لا زالت في مرمى أطماع الصهيونية، والدول الأوروبية الاستخرابية، والدليل على ذلك البحث الجيد الذي نشرته دار الاعتصام بالقاهرة، تحت عنوان "أهداف إسرائيل التوسعية في البلاد العربية"، الذي أعده وعرضه على منظمة المؤتمر الإسلامي، اللواء ركن "محمود شيت خطاب" رحمه الله، مزوداً بخريطة إسرائيل من النيل إلى الفرات، كما هي مرسومة على باب الكنيست اليهودي، توضح أن أطماع اليهود تستهدف الدول العربية كلها بلا استثناء، بل إنها تحلم بخيبر وبنو النضير، لا مكَّنهم الله من ذلك.

ودلل الكاتب على ذلك من خلال تصريحات لقادة الاحتلال الصهيوني لفلسطين والضفة والجولان.

صرَّح موشى ديان، وزير دفاع العدو اليهودي حينذاك 6 يونيو 1967/1387هـ، وهو يوم احتلال اليهود للقدس: "لقد استولينا على أورشليم ، ونحن في طريقنا إلى يثرب وبابل" (ص25)، وفى تصريح آخر: "الآن أصبح الطريق مفتوحاً أمامنا إلى المدينة ومكة" )يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ((17).

أيها القارئ الكريم، آمل أن تراجع المرجع السالف الذكر، لتدرك أن إشاعة مفهوم التوتر والاضطراب في المنطقة الإسلامية والعربية يستهدف تمزيقها إلى دويلات طائفية متناحرة، لتمكين الصهيونية من تحقيق مشروعها العدواني الاستيطاني.

· فهل تحركت الأمة لمقاومة المشروع الصهيوني، ونجدة القدس المغتصبة وتحريرها من قبضة المجرمين وتآمر المتآمرين، امتثالاً لأمر الله تعالى: ]انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ[(18)، ولتحذيره ]إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[(19).

· أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وأمته، من الدرس الذي تلقاه رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج أهمية المسجد الأقصى ، وأنه وقف إسلامي، وتحريره من الروم البيزنطيين، ومجاهدتهم، ونصرة أهله، فريضة شرعية، وضرورة حياتية في رقاب المسلمين، لأن أمن المجتمعات العربية والإسلامية من أمن بيت المقدس، فهل تعلمنا الدرس وأدركنا قيمته؟

· في تلك الليلة المباركة ليلة الإسراء والمعراج، فُرضت الصلوات الخمس في سماء بيت المقدس، فهل نتذكر بيت المقدس الذي يئن تحت وطأة الكيان الصهيوني في كل صلاة، وهل نتذكر أهل فلسطين، الذين يعانون القتل والتشريد، والحصار، والتجويع، ونسعى إلى نجدتهم وتحريرهم، وكسر شوكة العدو المحتل، وهذه فريضة شرعية، واستحضار نية الشهادة في سبيل الله، طمعًا في جنة عرضها السموات والأرض، وطمعًا في الثواب العظيم، الذي أعده الله رب العالمين للمجاهدين، وعاينه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة، وسجله في مشاهداته ليلة المعراج..

لقد مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم كلما حصدوا عادوا كما كانوا، فأخبر جبريل: "هؤلاء المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنات، بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيءٍ فهو يُخلف"

· لقد خلَّد الله سبحانه وتعالى حادثة الإسراء والمعراج، يُرسى بها معالم في حياة الأمة المسلمة في قرآن نزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، يتلى عليه وعلى أمته ليل نهار، درس يتناقله الخلف عن السلف في سورة الإسراء، وسورة النجم،

· ومنها ندرك خطورة اليهود من بني إسرائيل على الإنسانية وعلوهم وإفسادهم للحياة الإنسانية )وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7)((20) الإسراء 4 – 7

· لقد تلقى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هذا الدرس في المرحلة المكية، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة بعد، ولم يكن هناك احتكاك أو علاقة بينه وبين اليهود، وكأنما أراد الله عز وجل بهذه الآيات، أن يُعرف رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الفصيل من بني إسرائيل وخطورتهم، وعدائهم للإنسانية عموماً، وعلى الأمة الإسلامية على وجه الخصوص، والهدف أن يحذر الأمة، وأن يكون يقظاً، وأن يكون على استعداد دائم لمواجهة كيدهم ، وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد الهجرة، وفعله الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين.

· إن هذه الآية تؤكد أنهم في علوهم وإفسادهم الأول الذي استحلوا فيه الدماء والثروات ونقض العهود وإفساد ذات البين سيسلط عليهم محمدا وصحبه لكسر شوكتهم ، وتطهير الأرض من مؤامراتهم ، وحماية الإنسانية من شرهم.

· والصهاينة الآن في علوهم الثاني والأخير سيعاقبون لقول الله تعالى )فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا((21) ومن علامات تحقق هذا الوعد قول الله تعالى : )وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا((22)

· والتوراة التي بين أيدي أهل الكتاب: "اسمعوا هذا يا رؤساء بيت يعقوب، وقضاة بيت إسرائيل، الذين يكرهون الحق ، ويعوجون كل مستقيم، الذين يبنون صهيون بالدماء، وأورشليم بالظلم ، رؤساؤها يقضون بالرشوة، وكهنتها يُعلمون بالأجرة، وأنبياؤها يعرفون بالفضة، وهم يتوكلون على الرب قائلين: أليس الرب في وسطنا، لا يأتي علينا شر ، لذلك بسببكم تُفلح صهيون كحقل ، وتصير أورشليم خرباً، وجبل البيت شوامخ وعرٍ" ميخا3 و/ 4

وفى إنجيل متى 23 و/ 24 الإصحاح الرابع والعشرون فقال لهم يسوع: أما تنظرون الحق أقول لكم إنهم لا يُترك هاهنا حجر على حجر لا يُنقض.

· هذه هي الدروس العظيمة، والعلم النافع الذي تلقاه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم من رب العالمين ليلة الإسراء والمعراج تلقاه الرسول المعلم، ليعلمه غيره من بني الإنسان، وليخلفه من بعده مقررات دراسية، علماً يجب على الأمة أن تتعلمه، لكي تدرك أن دينها هو خير الأديان، وأنه دين الله في الأرض والسماء، وهو دين الأنبياء والرسل جميعاً، وأنها تنتسب إلى ذلك الرهط الكريم، الذي قاده رسل الله وهم يدعون إلى الإسلام، وأن لها مقدسات، والمسجد الحرام وبيت المقدس في القلب منها، لا يجوز لها أن تفرط فيها أو تبيعها أو تتنازل عنها، لأنها ملك لله عز وجل وهى تراث الأمة المسلمة ، وأنه لا يجوز للأمة أن تكون على قيد الحياة وقدسها مغتصبة بأيدي المجرمين، ولا يجوز لها أن تخذل إخوانها وأخواتها وأطفالها الذين يئنون من وطأة الاحتلال الصهيوني أو تخذلهم.

· لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج تكليف من رب العالمين، يا محمد ويا أمة الإسلام الأرض المباركة التي صلى عليها نبيكم بجميع الأنبياء والمرسلين إماماً في المسجد الأقصى تئن من الاحتلال الرومي البيزنطي، أمانة في رقابكم، حرروها وأقيموا حكم الله على أرضها.

· تكليف ضخم، تلقاه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، والدعوة مطاردة، والإسلام طريد شريد، بالامتثال والاستبشار واليقين، أن الله لابد وأن ينصر جنده المخلصين وعباده الموحدين، وأنه سيأتي اليوم الذي تتحرر فيه المقدسات ، وتنكسر فيه شوكة الأعداء ، لقد علم وفقه وعمل هو وإخوانه رضوان الله عليهم..

· أين هذا العلم عن بيت المقدس ومقدسات المسلمين والأخطار التي تتهددها، وواجب الأمة تجاهها، في دور العلم؟ من المسئول عن حرمان الأمة منه؟ لقد ترتب على حرمان الأمة منه أن صار قطاعًا ضخمًا منها أمياً، لا يعرف العدو من الصديق، ولا يعرف أهمية المقدسات، كما كان حالها قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يُنكر منكراً ، ولا يأمر بمعروف ، يوالي أعداءها ، ويتنكر لإسلامه وإخوانه في العقيدة والوطن، ويفرط في الأوطان والقدس في القلب منها.

وقد ينبري صوتٌ فيقول لنا: أن الأمة تحتفل كل عام بحادثة الإسراء والمعراج، وتوزع الجوائز على العلماء والحُفاظ، والرد ذلك احتفال كاذب، يُخَدَر به مشاعر الأمة، أنى لأمة قدسها مغتصب، وإخوانها وأخواتها قتلى وأسرى أن تحتفل بحادثة الإسراء والمعراج، حتى لو جاز الاحتفال ما هكذا كان يحتفل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقدساتهم المغتصبة، إنما كانوا يعقدون الرايات للسرايا والبعوث لتحريرها وحمايتها والقصاص ممن دنَّس عرضها وشرفها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

الهوامش :

([1]) العلق : 1- 6

(2) الشورى : 13

(3) آل عمران : 81

(4) الأنفال : 30

(5) العنكبوت : 2 - 3

(6) الأنعام : 34

(7) غافر : 51

(Cool الإسراء : 1

(9) النجم : 1- 18

(10) الإسراء : 105

(11) الصف : 8

(12) طه : 51- 52

(13) المائدة : 21

(14) الجن : 18

(15) البقرة: 127

(16) الأنبياء: 92

(17) الصف : 8

(18) التوبة : 41

(19) التوبة : 39

(20) الإسراء: 4-7

(21) الإسراء: 7

(22) الإسراء: 104
















 الموضوع الأصلي : صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس //   المصدر : منــــ اســــ فيب ـــلام ـتديـــات // الكاتب: medohamo15
ضع تعليق بحسابك فى الفيس بوك









اهلا وسهلا بكم على منـــ اســـــ فيب ـــلام ـــتـــديــات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» صفحات من تاريخ الجزائر
» عقيدة الكتاب المقدس فى الانبياء..
» تاريخ الاسلام
» مساجد لها تاريخ
» تاريخ الحضارة الاسلامية


صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
○◘♦منتديات اسلام فيب♦◘○ :: ۩۞۩ :: المنتديات الثقافية:: ۩۞۩ :: ۩ ملقتي التاريخ الاسلامي ۩ (-

صفحات مطوية من تاريخ بيت المقدس Cron