افتراضي العرب في ورطة....

يبدو أنه من الصعب فهم حقيقة بالغة
الاهمية وهي: لماذا على الباحثين المتنورين محاولة معالجة قضايا المجتمع ثم
يتوقفون عند حدود محاولة فهم آلية العلاقات الاجتماعية والسياسية
والصراعية التي تدور على الصعيد العالمي عامة والعربي خاصة؟ وإننا نعبر عن
دهشتنا المطلقة تجاه الإبتعاد شبه المؤكد والمبرمج عن دراسة الظواهر التي
نحن بصدد بحثها؟
[b] لقد حان الوقت للخروج من البوتقة التقليدية التي وضعنا فيها بعض
الباحثين والكتاب وكأنه كتب علينا عنواناً كبيراً إسمه الجهل الممنهج. إن
محاولة فهم عمق الظواهر والأحداث سوف يبرز حقيقة مروعة وهي أن التوقع
لنتائج الاحداث الطويلة الامد هو توقع محفوف بالمخاطر ويغلب عليه طابع
المغامرة، أما التوقع المتوسط الامد والقريب الامد وهو مانادى به (روبرت
بيرتون) فهو أقل مخاطرة ويتمتع بمصداقية اكبر.
إننا نجد أنفسنا وأعني الباحثين أمام توجهات وسلوكيات وما قد يتمخض
عنها من مفاجئات وحتميات. ومن أهم هذه التوجهات هو واقع الحادثة وواقع
التورط الذي نحن فيه.
ونحن نبحث واقع الحادثة لابد من دراسة العمق الذي نبعت وتولدت فيه هذه
الحادثة أي طبيعة الحادثة وأعني هنا ظاهرة ماسمي بالثورات التي تولدت خارج
بيئتها ومناخها ولذلك شوهت هذه الثورات وخرجت عن مألوفها بالفوضى والتخريب
والدمار وحين حاول الباحثون والكتاب الحديث عن هذه الثورات كتبوا عن ظاهرها
على اعنبار أنها خروج على التقليد الذي عاش فيه العرب من كبت وقيد وحرمان
وحسرة، ولكن الكتاب لم يسبروا غور هذه الثورات ويغوصوا في منابعها وماقد
تجر من ويلات ومشكلات كان العرب في غنى عنها والتي ستبقى آثارها السلبية
لأجيال طويلة كما حدث في ليبيا ومصر أو تغلغل للقاعدة في اليمن وسوريا.
وعدم دراسة طبيعة الثورات الواهمة قادنا تلقائياً إلى التورط الذي
وجدنا أنفسنا فيه وهو صعوبة الخروج مما أحاق بنا من شدة وأزمة، مما قد يعني
إطالة أمد الورطة وعمق آثارها السالبة، فالنتائج التي آلت إليها هذه
الثورات هي مآسي يصعب معالجتها كمحاولات تقسيم ليبيا ومصر ومطالب الجماهير
بالحكم أو المطالبة بما يسمى بالفدرالية، أي أننا بالثورات انطلقنا من
الوحدة الوطنية ووحدة تراب الوطن إلى التجزئة الخطيرة على الاوطان، ومن
وحدة مقاومة القاعدة في اليمن إلى إستنزاف الجهود المالية والحربية لمقاومة
بلاء القاعدة ومن وحدة الشعب المصري وطوائفه ومعتقداته إلى التحارب
الطائفي والعقائدي. هذه هي النتيجة أننا في ورطة فهل تخرج الشخصية العربية
وكذلك الجسد والهوية العربية من هذه الورطة؟ نرجوا ذلك من خلال إقامة نظام
عربي جديد لاينسلخ عن قوميته ودينه وهويته، ولعل من أهم ما يجب على
الباحثين القيام به هو إعطاء المنهجية العلمية قيمتها لان في سلوك المنهجية
العلمية التقرب من سلامة البحث وعمق الدراسة ونزاهة النتائج وحيادية
البحث. ولعل تجاوز حدود التوقف عند معالجة قضايا المجتمع سوف يقودنا
تلقائياً إلى فهم ما نحن بصدد بحثه من قضايا فلا يجوز للباحث أن يحرم نفسه
من تجاوز محاولة فهم الديناميكية العميقة للعلاقات الاجتماعية أو الدولية
وفهم آليات الصراع حين يحدث، وعلى الباحثين في السلوكيات السياسية
والإجتماعية الغوص في خضم الصراعات لا ان يتناولها في ظاهرها فحسب.

الموضوع الأصلي : افتراضي العرب في ورطة.... // المصدر : منــــ اســــ فيب ـــلام ـتديـــات // الكاتب: medohamo15

ضع تعليق بحسابك فى الفيس بوك

افتراضي العرب في ورطة....

افتراضي العرب في ورطة....

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة